الدعاء بعد الانتهاء من صلاة التراويح هو اتباعٌ للسُنّة ولعله يغيب عن البعض منّا، فالدعاء مطلوبٌ على الأوجه والحالات وخاصةً إذا ما تلبث الإنسان بعبادة تسمو بها نفسه ويهتز لها فؤاده كصلاة التراويح في رمضان التي تعتبر تنقيةً للنفس من أدرانها، وقد أمرنا الله تعالى بدعائه، وحببنا في ذلك وأشار القرآن الكريم إلى استجابة الله تعالى للداعين؛ إذ أنه سبحانه وتعالى قريبٌ مجيب.
الدعاء بعد الانتهاء من صلاة التراويح
يعتبر الدعاء بعد الانتهاء من صلاة التراويح في رمضان له ميزة خاصة، فهو اتباع السُنّة كما أنه هو الخاتمة الحسنة لجهد المسلم خلال الليلة التي قامها، فيدعو الله بعد الطاعة وهو من أنفع العبادات، ويمكن أن يتتبع التالي:
- اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت.
- اللهم توفنا وأنت راضٍ عنّا، واكتب لنا خشيتك في السر والعلن يارب.
- ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعفُ عنَّا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
- اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
- اللهم بارك لنا في أرزاقنا وأعمارنا، وبارك لنا في أبنائنا وأهلنا ووطننا.
ويسير المسلم على المنهج النبوي والذي جاء بما يلي:
- ما ورد عن عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكِ الْأَعْلَى ) ، و( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ، و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ : (سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ) “ثَلَاثَ مَرَّاتٍ” ، يَرْفَعُ بِالثَّالِثِ صَوْتَهُ» رواه أبوداود الطيالسي وأحمد وابن أبي شيبة، وصححه الألباني.
- ذكر النووي: رُوينا في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما بالإسناد الصحيح، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال: «سبحان الملك القدوس، وفي رواية النسائي وابن السني: سبحان الملك القدوس، ثلاث مرات».
- ورد في سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» قال الترمذي: حديثٌ حسن.
دعاء صلاة الوتر
يقوم المسلم بالدعاء بعد الانتهاء من قيامه، فبعد الوتر حين يدعو الله تعالى كالتالي:
- اللهم يا حيّ يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله وارزقنا حُسن الخاتمة.
- اللهم إنا نسألك عيش السعداء وموت الشهداء ومرافقة الأنبياء.
- اللهم لا تَكِلنا إلى أنفسنا طرفة عينٍ أو أقل من ذلك، وانصرنا على أنفسنا وشيطاننا وأهوائنا.
- يارب بارك لنا وبارك علينا واشملنا ببركتك التي لا تنقطع من خيري الدين والدنيا.
- اللهم تقبل من صيامنا وتقبل منا قيامنا وركوعنا وسجودنا وسائر أعمالنا بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
ويحقق الدعاء العديد من المزايا للمسلم، ومنها:
- اتباع الأمر بدعاء الله تعالى ومسألته وفقًا لما ورد في كابه العزيز في قوله تعالى: « ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً * إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ » (الأعراف / 55 )
- استشعار قُرب الله تعالى من العبد وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، وتحقيقًا لقوله تعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ * فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ »(البقرة / 186 )
- الأمل في موعود الله تعالى وحُسن الظن به عز وجل مصداقًا لحديث النبي-صلى الله عليه وسلم- الذي رواه مسلم: «حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ – وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ – قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: يَقُولُ اللهُ عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً»
ومن هنا يمكنكم التعرف على: صلاة التراويح كم ركعة وكيف تصلى
متى يكون الدعاء في صلاة التراويح
يتضح لنا أنالدعاء بعد الانتهاء من صلاة التراويح إنما يكون بعد الوتر، وذلك لعدم ورود دعاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم في خلال صلاة التراويح، وإن ذلك سيحيله إلى التالي:
- الإلتزام بما جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم- ففي الصحيحين: « عن أم المؤمنين أم عبدالله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ))؛ رواه البخاري ومسلمٌ، وفي روايةٍ لمسلمٍ: ((من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ)).
- قال صلى الله عليه وسلم: « لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر» رواه الحاكم، وحسنه الألباني.
- قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة» رواه الحاكم، وحسنه الألباني.
الدعاء بعد الانتهاء من صلاة التراويح إذًا له أهميةٌ كبيرة، فهو يشتمل على أمورٍ كثيرة من الشريعة، فإن تجمعت في المسلم النوايا الطيبة لإدراكها فقد نال الخير الكثير وفاز الفوز العظيم إن شاء الله، فما أحوجنا إلى ذلك وما أحوجنا إلى اتباع المنهج النبوي المبارك والسنة الذي قد حوى كل خصال الخير والبر، وأرشد إلى الصراط المستقيم.
التعليقات