دعاء الصائم قبل الافطار مستجاب إن شاء لله، فكما جاء في السُنّة أن الصائم له دعوةٌ مستجابة، مما يعني أن يداوم الإنسان المسلم على الصوم -قدر المستطاع- فبعد الفريضة الآكدة يأتي صيام بعض النوافل التي تقربه من ربه سبحانه وتعالى، فليس فقط له أجرٌ كبيرٌ في الآخرة نظير صيامه وإنما له دعاءٌ عند الله مستجاب، فهذا يُحبب المسلم في دينه ويمنحه دفعة روحانية قد لا يجد مثيلها في العبادات الأخرى.
دعاء الصائم قبل الافطار مستجاب
لكي يكون دعاء الصائم قبل الافطار مستجاب يجب عليه أن يحقق بعض الاعتبارات التي من خلالها يتحفز أكثر على الصيام، ويكون دأبه في الحياة ، مثل:
- الإخلاص: فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- «رُبَّ صائمٍ ليسَ لَه من صيامِه إلَّا الجوعُ ورُبَّ قائمٍ ليسَ لَه من قيامِه إلَّا السَّهرُ» وذلك لأنه لم يتحرى الإخلاص في عبادته، ولم يقصد وجه الله تعالى وإنما فعل ذلك دون نية خالصة، فالحفاظ على الإخلاص من أول وأهم ما يجب الأخذ به.
- عبادة السرّ: فالعمل يكون إن شاء الله مقبولًا عند رب العزة إذا ما كان دون رياء وفي خفاء، وقد قال الله تعالى: « ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً * إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» (الأعراف / 55 ) أي في تذلل وخضوع وخفاء فهو أدعى أن يُستجاب له.
- تحقيق التقوى: فهذا هو المقصد الرئيسي للصيام، وقد قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (البقرة / 183 )
دعاء الصائم عند فطره
يقوم المسلم الصائم اليقظ بالإعداد للدعاء عند إفطاره فيصبح دعاء الصائم قبل الافطار مستجاب إن شاء الله، ويمكن أن يقوم بمعرفة المزيد عن تلك الدعوة المستجابة استنادًا للتالي:
- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ، الإِمَامُ العَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الغَمَامِ، وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ» صححه الألباني في (صحيح الترمذي / 2526).
- قال العلماء أن وقت الدعاء المستجاب المقصود في الحديث يكون حال صيام المسلم حتى يشرع في الإفطار فقط.
- قال “القاري” عن الفطر (حين يفطر) لأنه [أي: الفطر] بعد عبادة، وحال تضرع ومسكنة. (مرقاة المفاتيح _ 4/ 1534).
- وسُئل الشيخ: بن عثيمين عن ذلك فأجاب: «الدعاء يكون قبل الإفطار عند الغروب؛ لأنه يجتمع في حقه انكسار النفس والذل لله عز وجل ، وأنه صائم ، وكل هذه من أسباب الإجابة».
يتضح لنا أن الدعاء بانكسار وتضرع وخشوع عند الفطر هو من أرجى ما يكون للاستجابة من رب العالمين، وتتحقق هذه الحالة حين يكون الإنسان صائمًا على وجه الخصوص.
دعاء الصيام عند الفطور
يمكن أن يقوم الصائم بالتلفظ بالأدعية التالية حين صومه وحتى فطره، مثل:
- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أفطَرَ قال: (ذهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ) (حسَّنه الألباني في: صحيح أبي داود _2357)
- اللهم ارزقني العافية على طاعتك وبارك لي في كل شيء.
- اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عني وعن أبي وأمي والمسلمين أجمعين.
- إلهي ألهمني رشدي وسددني ووفقني إلى ما فيه طاعتك.
- اللهم اغفر للمسلمين أجمعين الأحياء منهم والأموات يا رب العالمين.
- اللهم وفقنا لمرضاتك وادفع عنّا وساوس الجن والإنس وسّلِمنا من كل سوءٍ يارب العالمين.
- اللهم تجاوز عنَّا واجعلنا من عبادك الناجين الفائزين بجناتك جنات النعيم.
- اللهم ارزقنا في الدنيا والآخرة رحمةً ولطفًا وفرحًا وسرورً بالإيمان، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
- اللهم ألحقنا بنبينا المصطفى –صلى الله عليه وسلم- في الفردوس الأعلى في مُستقر رحمتك ورضوانك.
اللهم كما آمنّا بنبينا محمدٍ –صلى الله عليه وسلم- ولم نره، فلا تحرمنا مُدخله. - اللهم هوِّن علينا في الدنيا والآخرة واجعلنا من السعداء بدينك وبسُنّة نبيك.
- اللهم وفق أبنائنا وأبناء المسلمين إلى ما فيه رضاك وطاعتك، واسترنا في الدنيا والآخرة.
- اللهم اشفِ مرضى المسلمين وارفع عنهم البأس يارب العالمين.
لقد اتضح لنا أن دعاء الصائم قبل الافطار مستجاب، وعلى ذلك فإن الأمر فيه منافسة للخيرات ومسابقة للطاعات، فإذا كان العبد قد تخبَّط في المخالفات والزلات، فهذا هو الصوم الذي قال عنه النبي –صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة الباهلي «عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عِدلَ لَه» فلا مثيل له في حفظ البدن وتمام عافيته وبقاء صحته، ولا مثيل له في تكفير السيئة ورفع الدرجة، كما أنه يُقوي القلب والفطنة كما قال “المناوي” في “فيض القدير”.
التعليقات