من هو النبي الذي آمن به جميع قومه
من هو النبي الذي آمن به جميع قومه

لكي نتعرف على إجابة سؤال من هو النبي الذي آمن به جميع قومه؟ وما هي قصته؟ ينبغي الاطلاع على كتاب الله وسنة رسوله، فلقد جاءت قصة هذا النبي وقومه في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، حيث كان فيها من العظات والعِبر التي أراد الله -سبحانه وتعالى- أن ينفع بها أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

إن القرآن العظيم كلام الله إلى الأمة التي اصطفاها لتكون آخر الأمم، وفيما يلي ومن خلال موقع تثقف سنتعرف على هذا النبي وقصته مع قومه، كما جاءت في القرآن الكريم وفسرها العلماء في كتبهم.

من هو النبي الذي آمن به جميع قومه

النبي الذي آمن به جميع قومه هو نبي الله يونس بن متى، وجاء ذكره في عدة مواضع من القرآن الكريم، ففيها من الدروس والعبر والعظات الكبرى؛ لتثبيت الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتقوية إيمان من معه من الصحابة -رضي الله عنهم-، وموعظة للمسلمين جميعًا من بعدهم.

فقد قال الله -تعالى- في سورة يوسف: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)”، وقال سبحانه في سورة هود: “وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ“.

جاء ذكر نبي الله يونس في القرآن بعدة أسماء، فورد ذكره باسمه يونس، وورد ذكره بذي النون، وصاحب الحوت، وجاء ذكره بهذه الأسماء كلها لا في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

كما جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى. وَنَسَبَهُ إلى أَبِيهِ”، ويوضح الرسول أنه لا يجوز لأحدٍ من المسلمين أن يقول أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خيرٌ من نبي الله يونس بن متى -عليه السلام-.

شاهد أيضًا: قصة اصحاب الاخدود والعظة والعبرة منها

دعوة النبي لقومه

بعد أن تعرفنا على إجابة سؤال من هو النبي الذي آمن به جميع قومه، فالجدير بالذكر أنه أرسل الله -سبحانه وتعالى- يونس -عليه السلام- إلى أهل نينوي في العراق، وكان ذلك في القرن الثامن قبل الميلاد، فدعاهم إلى عبادة الله وحده، فما كان منهم إلا أن قابلوا دعوته كمن سبقهم من الأمم  بالتكذيب والعناد.

فحاول نبي الله يونس مع قومه مرة أخرى حتى يتركوا الكفر، ويعبدون الله وحده لا شريك له، ولكنهم لم يستجيبوا له واستمروا في الكفر والتكذيب والعناد وسخروا منه، وأنذرهم بأنهم إن لم يؤمنوا سيأتيهم العذاب بعد ثلاثة أيام، فلم يرجعوا عن كفرهم بعد التهديد والوعيد.

غضب نبي الله من قومه وتركه لهم

لما وجد يونس من قومه العناد والتمادي في الكفر رغم التهديد والوعيد، غضب منهم غضبًا شديدًا، وقرر أن يترك قومه ويرحل دون أن يأتي إليه الأمر من الله -جل وعلا-، فلم يأذن الله له بالخروج وتركهم.

قصد يونس البحر، وركب السفينة ليسافر إلى مكانٍ آخر، وهو غضبان من قومه، وقد ضاق بهم ذرعا، وأبحرت السفينة، وبعد مدة من إبحارها، وفي وسط البحر بعد أن ابتعدت كثيرًا عن مكان قومه إذا بالسفينة تضطرب، وقد هاج البحر، وخاف الركاب وظنوا أنهم غارقون لا محالة.

فما كان من الركاب وصاحب السفينة إلا أن تخلصوا من كل الحمولة الزائدة، ولكن السفينة لم تستقر بعد، فتشاوروا فيما بينهم، وأستقر بهم الرأي أن يتخلصوا من الركاب وإلا ستغرق بهم جميعًا، فلم يعد أمامهم من حل آخر.

فثبت الرأي على الاقتراع، ومن تقع عليه القرعة يتم إلقاؤه من السفينة، ويستمروا في فعل ذلك حتى تستقر السفينة، وبدأت القرعة فإذا بنبي الله يونس هو من وقع عليه الاختيار، فأعادوها ثلاث مرات، وكل مرة تقع القرعة عليه.

فامتثل يونس -عليه السلام- لأمر الله، وألقى بنفسه  في البحر، فالتقمه الحوت، ولكن لم يكسر له عظمًا، ولم يهشم له لحمًا، وذهب الحوت بيونس بعيدًا، وظن يونس أنه قد لقى حتفه وهلك، وأدركه عقاب ربه على تركه لقومه دون إذن ربه له.

قال -تعالى- في سورة الصافات: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)“.

نبي الله في بطن الحوت

حسب يونس أنه قد هلك، وأدركه الموت المحقق، فوجد نفسه في ظلمات فوقها ظلمات، فقد أحاطته ظلمة بطن الحوت من كل مكان، وظلمة البحر من فوقها، وظلمة الليل، وظلمة داخل نفسه أكبر من كل الظلمات، إنها ظلمة الخوف من الله -سبحانه وتعالى-، فأي ظلمة أكبر من الخوف من غضب الله.

لم يذكر الله -سبحانه وتعالى- أنه دعا أن ينجيه الله من الحوت، وهو نبي يعلم أن الله على كل شيء قدير؛ فإن يونس قد أستقر في علمه أن الله قد غضب عليه، وهذا هو الهلاك الحقيقي، فلا يوجد أعظم من أن يغضب الله على عبده.

لبث يونس في بطن الحوت حزين خائف، لا يعلم ماذا سيحل به، وما هي عاقبة أمره، يطوف به الحوت ويسبح في ظلمات فوقها ظلمات، ولا يعلم بأمره إلا ربه.

اقرأ أيضًا: ماهو الفرق بين النبي والرسول والقواسم المشتركة بينهم

الله ينجي المؤمنين

استكمالًا لإجابة سؤال من هو النبي الذي آمن به جميع قومه، نذكر أن قد نادى يونس ربه في تلك الظلمات التي بعضها فوق بعض، فمن للعبد غير الله يراه ويعلم بحاله ومآله غير خالقه، قال الله في سورة الأنبياء: وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)“.

فنجاه الله -سبحانه وتعالى- برحمته التي وسعت كل شيء، بعد أن لبث في بطن الحوت ما شاء الله له أن يمكث؛ حتى جاء أمر الله -تعالى-، ولفظه الحوت إلى البر لأنه عاد وأناب إلى الله -سبحانه وتعالى-، وسبحه وأعترف بذنبه وظلمه لنفسه.

قال -تعالى- في سورة الصافات: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) ۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146)“.

يذكر الله -سبحانه وتعالى- حال يونس، وما به من المرض والإعياء بعد أن لفظه الحوت على البر، فأكرمه الله -تعالى-، وأنبت عليه شجرة من يقطين ليأكل منها، وتكون له دواء وشفاء من مرضه، وهذا من رحمة الله به ونعمته التي يتمها على عباده المؤمنين المستغفرين التوابين إليه -سبحانه-.

إيمان قوم النبي بالله

إن يونس -عليه السلام- لما ترك قومه بعد أن توعدهم وأنذرهم من عذاب ربهم، واقتربت منهم علامات العذاب، تيقنوا أن وعد الله حق، وأن يونس عبد الله ورسول الله إليهم ، فلجأوا إلى الله، وتركوا الكفر والعناد واستغفروا ربهم لعله يرفع عنهم العذاب.

قال -تعالى- في سورة يونس: “فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ (98)”، فتقبل الله توبتهم، ورفع عنهم العذاب، وأنزل عليهم الرحمات والنعم، ونجى لهم نبيهم حتى يعود ويعلمهم عبادة ربهم.

فبعد أن نجى الله يونس -عليه السلام- من بطن الحوت، وشفاه من سقمه، حمد الله يونس ربه على نعمته عليه أن تاب عليه ونجاه، ثم أوحى الله إلى يونس أن يعود إلى قومه، ليستبشر بإيمانهم جميعًا، ويفرح قلبه بعودتهم على الحق وعبادة الواحد القهار بعد أن تركهم.

عاش نبي الله يونس بين قومه الذين آمنوا جميعًا، وقد بلغ عددهم مائة ألف أو يزيدون يعلمهم عبادة ربهم، وقال الله -تعالى- في سورة الصافات عنهم: “وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ (148)”.

ظل نبي الله يونس بين قومه حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى مع من سبقه من الأنبياء والشهداء والصديقين  والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وقد وضحنا بذلك من هو النبي الذي آمن به جميع قومه؟ هو نبي الله يونس -عليه السلام-.

شاهد أيضًا: بحث عن موضوع حرف ومهن الانبياء

كنا قد أجبناكم في السطور السابقة عن سؤال من هو النبي الذي آمن به جميع قومه؟ وأوضحنا لكم فيه قصته مع قومه، وكيف آمنوا به جميعًا كما جاءت عن المفسرين في كتبهم، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة والنفع.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *