مسألة اختلاف العلماء في صيام ست من شوال

مسألة اختلاف العلماء في صيام ست من شوال هي مسألة فقهية من أشهر المسائل الفقهية التي اختلف فيها أهل العلم، فصيام الأيام الست من شهر شوال هو أمر ورد في السنة النبوية الشريفة وهو موضوع فقهي ترتبط فيه العديد من الأحكام الفقهية الأخرى، ولذلك سوف نقوم بتسليط الضوء في هذا المقال على حكم صيام الست من شوال وسوف نمر على الاختلاف الحاصل بين أهل العلم في مسألة صيام هذه الأيام الستة، ثم سوف نتحدث عن صحة الحديث الوارد في صيام هذه الايام ورأي أتباع المذهب المالكي في هذه المسألة.

 حكم صيام الست من شوال

إنَّ صيام ست أيام من شهر شوال ليس واجبًا على المسلمين ولكنه مستحب، فقد ثبت في السنة النبوية الشريفة أنَّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- حث المسلمين على صيام ست ايام من شوال بعد إتمام صيام رمضان، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ”، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب، ويشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال، و في ذلك فضل عظيم، وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر” رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

اختلاف العلماء في صيام ست من شوال

أجمع علماء المسلمين على أنه صيام ست من شوال سنة مستحبة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقد ورد هذا الأمر في صحيح الإمام مسلم في رواية أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ورواية ثوبان مولى الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة والشافعية والحنفية، أما المالكية فقد قالوا إنَّ صيام ست أيام من شوال مكروه، فقد ذكر الإمام مالك أنه لم يرده عن السلف الصالح شيء عن هذا الأمر، ولأنَّه إذا ألحقت هذه الأيام بشهر رمضان قد يظن الناس أنها واجبة عليهم كوجوب رمضان ولذلك قال بكراهة صيام هذه الأيام الست، وفيما يأتي نذكر بعض الأقوال الواردة في هذا الموضوع:

• جاء في كتاب الموطأ: “قال يحيى: وسمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إني لم أر أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك خفته عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك”.

هل حديث صيام ست من شوال ضعيف

إنَّ الحديث الوارد في موضوع صيام ست من شوال هو حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه والذي جاء فيه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ”، وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن سعد بن سعيد بن قيس، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ حديث سعد بن سعيد بن قيس ضعيف، قال الترمذي: “وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الحَدِيثِ فِي سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ”.

وقال الإمام أحمد: “سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد الأنصاري ضعيف الحديث، وعبد ربه بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد جميعا ثقتان”، ولكن هذا الحديث ورد برواية أخرى عن ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَقَدْ صَامَ السَّنَةَ”، وهو حديث صحيح لا خلاف فيه، ولذلك فإنَّ صيام ست أيام من شوال أمر مستحب فقد ثبت في السنة النبوية.

صيام الست من شوال عند المالكية

ذهب أتباع المذهب المالكي إلى أنَّ صيام ست أيام من شوال أمر مكروه لأنَّ الإمام مالك قال إنه لم يرده أي قول عن السلف الصالح في مسألة صيام ست أيام من شوال، ولأنَّه قال إنه خشي أن يذهب بها الناس مذهب الفريضة فيلحقونها برمضان فيظنون أنها فريضة عليهم وهي ليست بفريضة، وفيما يأتي نذكر قول الباجي في كتابه المنتقى وهو كتاب شرح الموطأ:

• قال الباجي في كتاب المنتقى: “وهذا كما قال، إن صوم هذه الستة الأيام بعد الفطر لم تكن من الأيام التي كان السلف يتعمدون صومها، وقد كره ذلك مالك وغيره من العلماء، وقد أباحه جماعة من الناس ولم يروا به بأسًا، وإنما كره ذلك مالك لما خاف من إلحاق عوام الناس ذلك برمضان وأن لا يميزوا بينها وبينه حتى يعتقدوا جميع ذلك فرضا، والأصل في صيام هذه الأيام الستة ما رواه سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر. وسعد بن سعيد هذا ممن لا يحتمل الانفراد بمثل هذا، فلما ورد الحديث على مثل هذا ووجد مالك علماء المدينة منكرين العمل بهذا احتاط بتركه لئلا يكون سببا لما قاله. قال مطرف إنما كره مالك صيامها لئلا يلحق أهل الجهل ذلك برمضان، وأما من رغب في ذلك لما جاء فيه فلم ينهه”.

مقالات قد تهمك

بهذه البيانات نختم هذا المقال الذي ألقينا فيه الضوء على حكم صيام الايام الستة من شوال ثم مررنا على مسألة اختلاف العلماء في صيام ست من شوال ومررنا فيه بالتفصيل على رأي الإمام مالك في موضوع صيام ست أيام من شوال ومررنا على صحة حديث أبي أيوب الأنصاري وحديث ثوبان مولى النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم في مسألة صيام ست أيام من شوال بعد إتمام صيام رمضان.