محتويات
إن الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر جاء ذكره في الكتب الصحيحة عن الأحاديث الشريفة والسنة النبوية المطهرة، وليلة القدر بين الله سبحانه وتعالى قدرها في القرآن الكريم.
أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته، ومن وراءهم من المسلمين أن يتحروا ليلة القدر في العشرة ليالي الأخيرة من شهر رمضان، ويكثروا فيها من العبادات والطاعات كالصلاة والقيام وتلاوة القرآن والذكر والدعاء، وحدد دعاء يُستحب قوله في تلك الليالي المباركة سنذكره فيما يلي على موقع تثقف.
الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر
إن الصحابة وزوجات الرسول وأمهات المؤمنين رضي الله عليهم أجمعين كانوا شديدي الحرص على معرفة كل ما يخص أمور دينهم من الرسول صلى الله عليه وسلم.
كانوا رضي الله عنهم وأرضاهم يسألونه عن كل شيء لحرصهم على إرضاء الله تعالى، والتقرب منه ولعلمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأتيه الخبر من ربه بما فيه صلاح أمورهم في الدنيا والآخرة.
رُوى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “قلتُ: يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةِ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قال: قولي: اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي” رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وأحمد باختلاف يسير.
إن الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر هو: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي، وهو دعاء من سبع كلمات من السهل حفظه وتكراره وترديده، وتخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم بذكره يدل على بركة الدعاء به وأنه فيه من الخير الكثير للعبد إذا دعا به في تلك الليلة المباركة.
إن ليلة القدر من الليالي التي يُرجى استجابة الدعاء فيها كما قال أهل العلم ومنهم قول ابن العثيمين: (هذه أيضًا من أوقات الإجابة: عشية عرفة، وليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وهي كغيرها من الليالي بالنسبة للإجابة، أي أن آخر الليل فيها وقت إجابة).
هي خير من ألف شهر بالدعاء فيها، وفي البركة التي تحصل في أجر العبادات والطاعات فيها، كما قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)، ويُستحب أن ندعو فيها الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر.
اقرأ أيضا: صلاة التهجد كم ركعة وكيف تصلى .. الفرق بين قيام الليل وصلاة التهجد
شرح الدعاء
بين العلماء شرح دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول على النحو التالي:
(اللهم): اللهم صيغة نداء ودعاء، وهي مثل: يا الله، وحذف منها حرف النداء وعُوض عنها بميم مشددة، وقال علماء الفقه عن (اللهم): أنها يا الله حذف حرف النداء يا وأثبت الميم بدلاً عنه.
( إنك عفو): إن اللفظ عفو أصله مأخوذ من عفت الرياح الآثار إذا أخفتها ومسحتها، وعفوّ من صيغ المبالغة، وهي على وزن فعول، وعفو من أسماء الله الحسنى التي تدل على سعة صفحه جل وعلا عن ذنوب عباده مهما بلغت.
(تحب العفو): العفو هو التجاوز عن السيئات، وتحب أن تمن على عبادك بالتجاوز عن ذنوبهم وسيئاتهم وترضى لهم العفو إذا فعلوا ما يرضيك عنهم.
(فاعف عني): أي تجاوز عني واصفح عن ذنبي، فإني كثير التقصير، وأنت أولى بالعفو الكثير، وعفو الله يكون في الدنيا والآخرة.
قال القرطبي رحمه اللَّه تعالى: “العفو، عفو اللَّه عز وجل عن خلقه، وقد يكون بعد العقوبة وقبلها، بخلاف الغفران، فإنه لا يكون معه عقوبة البتة.”
إن طلب العفو من الله سبحانه وتعالى من أهم المطالب التي يجب أن يطلبها العبد من ربه لأن الذنوب والمعاصي من أهم أسباب غضب الله عز وجل، ويترتب عليها في الدنيا زوال النعم وزوال بركتها، وفي الآخرة تُلقى بصاحبها في النار والعذاب المقيم، ولهذا يفضل الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر.
إن العفو يترتب عليه رضا الله سبحانه وتعالى وجلب النعم وبركتها، وحسن الجزاء في الآخرة في دخول الجنة والنعيم المقيم، وإن ما عليه جمهور العلماء أن الله سبحانه وتعالى يتجاوز عن جميع الذنوب إلى ما يخص حقوق العباد لذلك يحب الله تعالى من عباده عفوهم عن بعض فيما يحب الله العفو فيه، والله أعلم.
ما يرشد إليه الحديث
إن من آداب الدعاء أن يثني العبد على ربه سبحانه وتعالى بصفة تتناسب مع الطلب الذي يرجو أن يستجيب الله له، وهذا الدعاء من جوامع الكلم، ومن دعا به حاز على خير الدنيا والآخرة.
إن الحديث الذي ورد فيه الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر فيه إثبات صفة العفو والمحبة لله سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله، ويبين أن الدعوات المباركات تكون في الأوقات الفاضلات والحث على الزيادة من الدعاء في الأوقات المباركات.
في الحديث بيان على حرص أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها على التعلم من هدي النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وحرصها على معرفة أبواب الخير.
شاهد أيضا: أجمل دعاء يريح القلب ويزيل الهم ويكشف الضر بإذن الله
الدعاء في ليلة القدر
إن من منن الله العظيمة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنه جعل لهذه الأمة في أيام دهرها نفحات؛ ليفوزوا فيها بعطايا الله سبحانه وتعالى، وينالوا بركة العمل والعبادة والذكر والدعاء.
إن من فضله سبحانه وتعالى أعلم عباده في القرآن الكريم عن ليلة هي خير من ألف شهر في ليالي العام، وهذه الليلة هي ليلة القدر ومن فضله أنه عرّف عباده أن تلك الليلة في شهر رمضان المبارك، قال تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” [القدر: 3].
لكن الله سبحانه وتعالى لم يخبر في القرآن الكريم عن أي ليلة هي، ورسوله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنها في العشر ليالي الأخيرة من شهر رمضان وبالتحديد في الليالي الوترية منها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر”، وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تحرَّوا ليلةَ القدر في الوِتر من العشر الأواخر من رمضان”.
إن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أن يخفي عن عباده وقت ليلة القدر لكي يجتهد كل مسلم في الصلاة والقيام والدعاء، ويزيد عمله وعبادته في كتاب أعماله مما يعود عليه بالخير والفضل العظيم عند لقاء ربه.
يقول ابن الجوزي رحمه الله: ( إن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفوز بالسباق، فلا تكن الخيل أفطن منك فإنما الأعمال بالخواتيم، فإنك إذا لم تحسن الاستقبال لعلك تحسن الوداع ).
إن الدعاء من العبادات المشروعة في ليلة القدر، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من الدعاء مع الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر الثابت ذكره في السنة النبوية الشريفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضا: دعاء في صلاة التراويح .. متى يكون الدعاء في صلاة التراويح
بينا فيما سبق الدعاء الذي أوصى به الرسول في ليلة القدر، وثبت صحته في السنة النبوية الشريفة، وبين العلماء شرحه وفضله، كما رغّبوا في الدعاء به مع غيره من الأدعية والعبادات في تلك الليلة المباركة، نفعنا الله بما علّمنا به رسوله صلى الله عليه وسلم.
التعليقات