أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187).
لذا فإن سمع المسلم آذان الفجر يجب عليه الإمساك عن الطعام والشراب، وإن كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر يمكنه أن يتناول الطعام والشراب حتى يتبين له الفجر.
أما إن كان في حيرة من أمره ولا يعلم إن كان أذن قبل أو بعد الفجر، فإن من الأفضل له أن يمسك عن الطعام فور سماع آذان الفجر، ولا يحدث ضرر له إن تناول طعام أو شراب حين الآذان، وذلك لأنه لا يعلم بطلوع الفجر.
أما من كان في مدينة لا تحتوي على الأنوار الكهربائية ولا يستطيع أن يعلم وقت طلوع الفجر، لكنه عليه أن يأخذ بالمواعيد والتقويمات التي تحددها الدولة لطلوع الفجر بالساعة والدقيقة.
رؤية مسلم يتناول الطعام في نهار رمضان
من رأى مسلمًا يتناول الطعام أو الشراب أو أي شيء من المفطرات ناسيًا كان أو متعمدًا يجب إنكاره عليه، وذلك لأن إظهار ذلك في نهار رمضان منكر، حتى وإن كان صاحبه معذورًا، لكي لا يتجرأ الناس على فعل وإظهار ما قام الله بتحريمه من المفطرات في نهار شهر رمضان الكريم بدعوى النسيان.
إذا كان من أظهر هذا كان ذات نية صادقة في دعوى النسيان فلا يوجد عليه قضاء، وذلك وفقًا لحديث النبي -صل الله عليه وسلم- ” من نسِي وهو صائمٌ فأكل وشرب فليتمَّ صومَه، فإنَّما أطعمه اللهُ وسقاه” (أخرجه البخاري ومسلم).
كالمسافر لا يجب عليه أن يظهر تعاطي المفطرات بين المقيمين الذين لا يعلمون بحاله، بل يجب عليه أن يتستر حتى لا يتم اتهامه بتعاطيه من قام الله بتحريمه، وحتى لا يجرؤ أي شخص آخر غيره على فعل ذلك.
لذا فإن من تناول الطعام أو الشراب ناسيًا فصومه صحيح ولا يفطر، أما من رأى شخصًا صائمًا ناسيًا في نهار شهر رمضان، يجب عليه أن يقوم بإعلامه، كما أن من تمضمض أو اغتسل أو قام بالاستنشاق ودخل الماء لحلقه دون قصد فإن صيامه لا يُعد فاسدًا، وذلك لأنه لا قصد له ولا إرادة.
كفارة الإفطار في نهار رمضان
قد قمنا بذكر جدول المفطرات في رمضان، فما الذي سيحدث إذا فطر الرجل أو المرأة بعذرٍ غير مباح في نهار شهر رمضان؟
يجب عليه أن يقوم بإخراج كفارة وفقًا لما قاله النبي -صل الله عليه وسلم-
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ -والعَرَقُ المِكْتَلُ- قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا -يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ- أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ).
الإفطار في شهر رمضان
بعد أن علمنا جدول المفطرات في رمضان، سوف نعرض العديد من الحالات المختلفة التي يكون فيها الإفطار في نهار شهر رمضان بعذر، حيث يكون الإفطار فيها واجبًا، ومن هذه الحالات:
- الحيض والنفاس: حرم الإسلام على المرأة التي تأتي إليها الدورة الشهرة الصيام أثناء هذه الفترة، أو من ولدت فنفست، يجب عليها أن تفطر في نهار شهر رمضان، فإن صامت في هذا الشهر الكريم فإن صيامها يعد باطلًا، ويجب عليها أن تقضي ما أفطرته بعد شهر رمضان.
- السفر: السفر من الأعذار التي يمكن أن يباح الفطر بسببها، كما أن العلماء قاموا بوضع بعض الشروط للسفر حتى يصبح مباح فيه الفطر، ومنها أن يكون من الأسفار المباح فيه قصر الصلاة، وعدم السفر لمعصية.
بالإضافة إلى أنه لا يجب أن تزيد مدة السفر عن المدة المسموح فيها قصر الصلاة، لأن المسافر يُعد مقيمًا بعدها في هذه الحالة، بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون خارج مدينته ومجاوزًا لها، فقد أجاز العلماء وجوب الفطر لمن يسافر قبل طلوع الفجر لكن يجب أن يكون هناك نية الفطر.
أما من يسافر بعد صلاة الفجر أو خلال فترة النهار لا يجب أن يفطر وفقًا لرأي المالكية والحنفية، كما أن جمهور الفقهاء من المالكية والحنفية والشافعية قالوا بأنه من الأفضل على المسافر أن يصوم إن لم يؤثر السفر فيه.
حالات الإفطار في شهر رمضان
يوجد العديد من الحالات الأخرى المختلفة التي يمكن الإفطار فيها في نهار شهر رمضان، وهي:
- الحمل والرضاعة: على الرغم من أن هناك العديد من السيدات الي تصوم في وقت الحمل والرضاعة، إلا أن العديد من النساء تخاف من هلاك جنينها، أو نفسها، أو أن يأتي إليه أمراض.
- التقدم في العمر: أجمع كافة الفقهاء على أنه يمكن أن يفطر الرجل أو المرأة المسنة في نهار شهر رمضان، ويتوجب عليهم الفدية إن كانوا لا يستطيعوا الصوم.
- الجهاد في سبيل الله: ذهب المالكية والحنفية على جواز الإفطار للمجاهدين في سبيل الله، وذلك لأنه يُعد أفضل لقوتهم للقاء العدو.
- المرض: المريض الذي يزيد الصوم من مرضه، أو يشق عليه، أو يؤخر شفاءه يجوز له أن يفطر في نهار رمضان، وذلك باتفاق من جمهور العلماء من الشافعية، والمالكية، والحنفية، حيث أوجبت الشريعة الإسلامية الصوم في بعض الحالات للمرضى، كما أنه لا يجب على المريض أن ينوي بأخذ رخصة الإفطار.
- الإكراه: المالكية والحنفية، والحنابلة اتاحوا الإفطار للمكره، وقالوا أنه يجب قضائه، أما الشافعية فقد خالفت هذا الرأي، معتبرًا بأن المكره لا يفطر.
شاهد أيضًا: من يباح لهم الفطر في رمضان
ذكرنا لكم في هذا الموضوع جدول المفطرات في رمضان، والأشياء التي تبطل الصيام ويجب أن يتم القضاء بسببها، بالإضافة إلى ما يبطل الصيام ويتوجب القضاء والكفارة معًا، وما حكم من سمع آذان الفجر واستمر في الأكل، وما الذي يجب فعله عند رؤية مسلمًا يتناول الطعام أو الشراب أو أي شيء من المفطرات ناسيًا كان أو متعمدًا.
تعليقات