محتويات
المسلم يذكر الله في كل يومه بدءً من دعاء عند الاستيقاظ من النوم إلى دعاء عند النوم مرورًا بكافة الأعمال التي يقوم بها في حياته، حتى دخوله للخلاء لقضاء حاجته، فإنه يقول “اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث” ويسمي باسم الله.
لذا في هذا الموضوع على موقع تثقف سنتناول الذكر الذي يقوله المسلم عند استيقاظه من النوم الصحيح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
دعاء عند الاستيقاظ من النوم
قد تحدث الفقهاء في مباحث خاصة عن دعاء عند الاستيقاظ من النوم من الحديث والسنة وهي على النحو التالي:
الدعاء الأول
أول ما نذكره في حديثنا حول “دعاء عند الاستيقاظ من النوم” هو ما يسن عن النبي -صلى الله عليه سلم- أن يقول المسلم حين يستيقظ من النوم:
“الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ”.
ورد ذلك في الحديث الذي رواه حذيفة بن اليمامة أنه قال: “ كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا أرَادَ أنْ يَنَامَ قالَ: باسْمِكَ اللَّهُمَّ أمُوتُ وأَحْيَا وإذَا اسْتَيْقَظَ مِن مَنَامِهِ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ” (صحيح البخاري 6324).
فيحمد الله على أنه أحياه من الموتة الصغرى ورد إليه روحه، وكلمة “إليه النشور” أي إليه البعث مرة أخرى يوم القيامة ومنه ثواب ما يكتسبه الإنسان في حياته، ففي هذا تذكير للمسلم بالله ويوم الحساب في بداية يومه ليكون ذلك نصب عيناه طوال النهار.
شاهد أيضًا: اذكار المساء مكتوبه كامله .. اعرف فضلها وأهميتها لكل مسلم
الدعاء الثاني
ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر أصحابه (ومن بعدهم الأمة الإسلامية كلها) بأن يقولوا عند الاستيقاظ من النوم:
“الحمدُ للَّهِ الَّذي عافاني في جسَدي وردَّ عليَّ روحي وأذِنَ لي بذِكرِه”.
ورد هذا الدعاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي قال:
“إذا قام أحدُكم عنْ فراشِهِ ثُمَّ رجع إليه فلينفُضْهُ بصنِفَةِ إزارِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ فإِنَّهُ لا يَدْري ما خلَفَهُ عليْهِ بعدُ فإذا اضطجع فلْيَقُلْ باسمِكَ ربي وضعْتُ جنبي وبكَ أرْفَعُهُ فإِنْ أمسَكْتَ نفسي فارحمْها وإِنْ أرسلْتَها فاحفظْها بِما تحفَظُ بِهِ عبادَكَ الصالِحينَ فإذا استيقظَ فلْيَقُلِ الحمدُ للهِ الذي عافَانِي في جسَدِي ورَدَّ علَيَّ روحي وأذِنَ لِي بذِكْرِهِ” (أخرجه الترمذي 3401).
ففي هذا الدعاء يحمد العبد ربه على نعمة العافية في الجسد و السلامة، يتذكر نعمة الله عليه التي لا تُعد ولا تحصى، ويحمد الله على أنه أحياه بعد الموتى الصغرى وأنه أعطاه الفرصة وأمد في عمره ليذكره.
كما أن تذكير المسلم نفسه بأن النوم هو مثل الموت (الموتة الصغرى) يجعله يحاسب نفسه كل ليلة ولا ينام وعليه مظالم لأحد، فقد لا يستيقظ من هذا النوم، وحقوق العباد لا تٌغفر حتى ترد أو يعفوا عنها صاحبها، كما أن تلك التذكرة تحث المسلم على المسارعة في التوبة.
ذكر القلق والتقلب في النوم
روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا تضور (تقلب ظهرًا لبطن أثناء الليل) يقول:
“لا إلهَ إلَّا اللهُ الواحدُ القهارُ، ربُّ السمواتِ والأرضِ وما بينهما العزيزُ الغَفَّارُ”.
ورد هذا الدعاء في الحديث الذي روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- وأخرجه النسائي في (السنن الكبرى 10700)، وأيضًا أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 5530 مع اختلاف طفيف في الممتن.
دعاء القلق من النوم
مما قاله الفقهاء تحت باب “دعاء عند الاستيقاظ من النوم” هو دعاء الاستيقاظ في الليل والنوم مرة أخرى بعده؛ فأيضًا من السنة الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا استيقظ المسلم في الليل قلقًا أو من الأرق أن يقول:
“لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وسُبْحَانَ اللَّهِ، ولَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ”.
بعد ذلك يستغفر الله أو يدعوا بأي شيء يريد، ومن ثم إذا توضأ وصلى فصلاته مقبولة، ورد ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه عبادة بن الصامت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
“مَن تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وسُبْحَانَ اللَّهِ، ولَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ له، فإنْ تَوَضَّأَ وصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ” (صحيح البخاري 1145).
فقوله -صلى الله عليه وسلم- ” تَعَارَّ” أي استيقظ في الليل وقام من نومه، وأخبرنا أن من قال بهذا الدعاء في الليل فإن الله يستجيب له ويقبل منه صلاته، ونعم الثواب.
كذلك وردت أحاديث أخرى عن النبي أن ذلك الوقت من مواضع استجابة الدعاء بشرط أن يكون المسلم قد بات على طهارة وأن يكون ذكر الله قبل النوم.
فعن معاذ بن جبل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ طاهرًا فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه” (السنن الكبرى للنسائي 10642).
افرأ أيضًا: فضل قراءة سورة الملك قبل النوم وأحاديث نبوية حولها
دعاء الاستيقاظ خائف من النوم
بجانب دعاء عند الاستيقاظ من النوم هناك دعاء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يقوله المسلم إذا استيقظ من النوم خائف من حلم سيء (كابوس) أو ما شابه، فيقول:
“إذا فزعَ أحدُكُم في النَّومِ فليقُلْ: أعوذُ بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ من غَضبِهِ وعقابِهِ وشرِّ عبادِهِ، ومن همَزاتِ الشَّياطينِ وأن يحضُرونِ فإنَّها لن تضُرَّهُ”.
ورد هذا الدعاء في حديث طويل اخرجه الترمذي في صحيحه برقم 3528، واخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 24013).
ورد الاستيقاظ من النوم قبل الفجر
بجانب دعاء عند الاستيقاظ من النوم ففي السنة الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرأ القرآن إذا استيقظ من النوم في الليل؛ فعن عبد الله بن عباس:
“أنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهي خَالَتُهُ … حتَّى إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أوْ قَبْلَهُ بقَلِيلٍ أوْ بَعْدَهُ بقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عن وجْهِهِ بيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِن سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.
ثُمَّ قَامَ إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ منها فأحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ ما صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إلى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى علَى رَأْسِي، وأَخَذَ بأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حتَّى أتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.” (صحيح البخاري 183).
يروى ابن عباس أنه كان في إحدى الليالي يبيت عند خالته أم المؤمنين ميمونة -رضي الله عنها-، وقد استيقظ في منتصف الليل أو( قبله بقليل أو بعده بقليل) فقرأ العشر آيات من خواتيم سورة آل عمران أي من الآية رقم 190 إلى الآية 200 من بداية قوله -تعالى-:
“ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ …” إلى نهاية السورة.
صلاة سنة الفجر في البيت قبل الخروج
بعد ذلك قام النبي -صلى الله عليه وسلم- فتوضأ وقام يصلي التهجد فصلى أثنى عشر ركعة في كل ركعتان منهما يسلم، وبعد ذلك أوتر أي صلى عدد وترًا من الركعات (ركعة أو ثلاثة …) بعد ذلك ذهب فاضجع قليلًا حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر فقام وصلى ركعتي الفجر (نافلة) وذهب إلى المسجد ليصلي فريضة الصبح.
شاهد أيضًا: اذكار الصباح كامله ومكتوبة
بذلك نكون قد نقلنا لكم ما ذكره الفقهاء حول دعاء عند الاستيقاظ من النوم، سواء الاستيقاظ الطبيعي أو الاستيقاظ مفزوعًا وخائفًا، وذكر الله تعالى عند التقلب في النوم مع الانتباه، كما ذكرنا ورد القرآن الذي كان يقرأه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا استيقظ من النوم، ندع الله أن يكون قد وفقنا إلى ما يحبه ويرضاه.
التعليقات