تحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة بشرح كل بيت وذكر معاني الألفاظ
تحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة

المعلقات العشر أو السبع هي درة العقد في شعر العرب، لذا نقدم لكم مختارات من تحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة في ثلاث صور شعرية من المعلقة التي مطلعها “هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ…” تمثل نموذج عام عن القصيدة كاملة.

هذا ما سنتناوله في ذلك الموضوع على موقع تثقف.

تحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة

اخترنا في تحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة ثلاث عشر بيتًا ممثلة لثلاث صور شعرية تحت الفكر الرئيسي للأبيات: “التغزل بالحبيبة والفخر والاعتزاز بالنفس” أما الصور الفرعية هي:

الأولى: الافتتاحية وتغزل بالحبيبة والفخر، متمثلة في المقاطع من البيت الأول حتى البيت الخامس (الوقوف على الأطلال).

الثانية: وصف الحرب مع مزجه بالغزل، متمثلة في البيتين السادس والسابع في المقطع الذي أخترناه.

الثالثة: الفخر بالنفس ووصف البطولات في المعركة، متمثلة في الأبيات من الثامن حتى آخر القصيدة.

فيما يلي شرح وتفصيل لتحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة:

شرح هل غادر الشعراء من متردم

يقول البيت: “هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ *** أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ”

معاني الألفاظ:

  • غادر: ترك وخلف.
  • مُتَـرَدَّمِ: هو القول المحكم النسج (الشعر الجيد)، وهو ترجيع الصوت مع تحزينه، وهو أيضًا الملابس البالية التي تحتاج إلى ترقيع.
  • الدار: يقصد أثر ديار عبلة بعد رحيلها.
  • تَوَهُّـمِ: تخيل.

شرح البيت:

يقول عنترة مستفهمًا: هل ترك الشعراء أي موضع إلا وقد خاضوا فيه وأصلحوه وهذا الاستفهام يحمل معنيين:

  • الإنكار: لم يبقى لي أي موضع مسترقع لأرقعه بشعري.
  • إنهم لم يتركوا أي معنى شعري إلا قرضوا فيه الشعر؛ أي لم يترك الشعراء أي غرض شعري إلا وقد تكلموا فيه وصاغوا فيه شعر.

بعد ذلك يعرض عنترة عن الكلام عن المعاني الشعرية إلى غرض البكاء على الأطلال، يخاطب نفسه قائلًا يا عنترة هل عرفت ديار عبلة إلا بعد أن شككت فيها، وهذا دليل على أن الدار قد تغير حالها وأصبحت أطلال خاوية على عروشها.

التحليل الأدبي للبيت:

يبدأ الشاعر معلقته بصورة بلاغية حيث شبه الأعراض الشعرية بأنها رداء قديم يتم ترقيعه بالشعر الجيد، ويقول أن الشعراء القدامى لم يتركوا له أي معنى أدبي لم يتحدثوا به وبهذا يرفع عن نفسه الخجل إذا جاءت المعاني في القصيدة مكررة، فهو قد تعذر لنفسه قبل قوله.

الأساليب:

  • الاستفهام: كرره مرتين الشطر الأول كله سؤال واحد والشطر الثاني سؤال.

ومن هنا يمكنكم الإطلاع على: أسماء الشعراء السعوديين المعاصرين وبعض الأبيات الشعرية لهم

شرح يا دار عبلة بالجواء تكلمي

يقول البيت: “يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي *** وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي”.

معاني الألفاظ:

  • عبلة: اسم المحبوبة.
  • الجواء: هو الوادي، لكن في البيت هو اسم موقع بعينه.
  • عمي: انعمي بالصباح (تحية عند العرب القدماء تقال في الصباح).
  • اسلمي: كوني بخير وظلي باقية.

شرح البيت:

يخاطب الشاعر ديار عبلة التي رحلت وخلفتها ويسلم على الديار، وهذا نهج العرب في بدء القصيدة القديمة.

التحليل الأدبي للبيت:

  • يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي: استعارة مكنية حيث شبه الشاعر الدار بشخص يتكلم.
  • عِمِّي صَبَاحًا: استعارة مكنية حيث شبه الشاعر الدار بأنها شخص.

الأساليب:

  • النداء: في قوله: يَا دَارَ عَبْلـةَ عرضه التمني.
  • الأمر: في قوله (تَكَلَّمِـي، عمي، اسلمي) فعل أمر غرضه الدعاء.

شرح فوقفت فيها ناقتي وكأنها

يقول البيت: “فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـا *** فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ”.

معاني الألفاظ:

  • فدن: قصر (قصر طول القامة).
  • المتلوم: المتمكث أو المنتظر.

شرح البيت:

يقول الشاعر أنه أوقف ناقته في ذلك الموضوع أمام دار حبيبته وتطرق إلى تشبيه ناقته بأنها قصيرة الطول وضخمة، ويعلل هذا الوقوف بأنه يقضي حاجة كل متلوم أي الحزن والجزع على ما قد فات.

شرح وتحل عبلة بالجواء

يقول البيت: “وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا *** بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ”.

معاني الألفاظ

  • تحل: تنزل وتُقيم وتسكت.
  • الجواء، الحزن، الصمان، المتثلم: أسماء أماكن.

شرح البيت:

يكمل البيت وصف سبب حزنه فيقول أن عبلة راحلة عن بيته فهي تسكن في الجواء وأهله يسكنون في أماكن أخرى هي (من بداية الحزن إلى الصمم من ناحية والمتلثم من ناحية أخرى).

شرح حييت من طلل تقادم عهده

يقول البيت: “حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ *** أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ”.

معاني الألفاظ:

  • حُيِّيْتَ: القيت التحية.
  • طَلَل: ما يتبقى من الدار بعد رحيل سكانه وجور الزمن عليه.
  • أَقْـوى وأَقْفَـرَ: كلمتان مترادفتان بمعنى الخلاء (الإقواء والأفتقار)
  • أم الهيثم: كُنية محبوبته عبلة.

شرح البيت:

يقول الشاعر أنه حيا كل الأطلال إلا أنه خصص طلل واحد بينهم، ويصف الطلل هذا أنه أقدم عهدًا وقد أصبح أكثر خرابًا بعد رحيل أهله عنه، كأن البيت حزن على محبوبته فأثر ذلك فيه أكثر من التأثر الذي أوقع الزمن على باقي بيوت الحي.

ومن هنا يمكنكم التعرف على: أشهر كتاب الروايات في مصر ورواياتهم الأكثر شهرة.. 7 كتاب يثق فيهم القراء

شرح ولقد ذكرتك والرماح نواهل

يقول البيت: “وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ *** مِنِّي وَبِيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمِي”.

معاني الألفاظ

  • الرماح: جمع رمح وهي أداة للحرب يُقتل بها الإنسان من بعيد، عبارة عن قناة طويلة في آخرها سن مدبب.
  • نواهل، جمع ناهلة، وهي الشاربة (تشرب من الماء)
  • بيض الهند: نوع من السيوف منسوبة إلى الهند لأنها تُصع هناك ومشهورة بقوتها وحدتها ولمعانها.

شرح البيت:

يقول الشاعر إنه في خضم الحرب عندما كانت الرماح تجرحه من كل حدب وصوب وأن السيوف الهندية تسيل دمه إلا أنه تذكر محبوبته.

التحليل الأدبي للبيت:

هناك استعارة مكنية في قول الشاعر:

  • “وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ” توحي بشدة المعركة وكثرة الجروح، حيث شبه الرماح بالدابة التي تشرب.
  • “وَبِيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ” استعارة مكنية حيث شبه السيوف كأنها كائن حي يجرح بإرادته، وهي توحي بشدة المعركة.

الأسلوب: توكيد في قوله: “وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ”.

شرح فوددت تقبيل السيوف لأنها

يقول البيت: “فَوَدِدْتُ تَقْبِيلَ السُّيُـوفِ لأَنَّهَا *** لَمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ الْمُتَبَسِّـمِ”.

معاني الألفاظ:

  • الثغر: الفم (الفم الصغير).
  • بارقة: النور الخاطف في اللمعان مثل نور البرق.

شرح البيت:

يعلل الشاعر سبب تذكره محبوبته في البيت السابق ويقول أنه عدما رأى لمعان السيوف تذكر لمعة أسنان محبوبته عندما تبسمت.

التحليل الأدبي للبيت:

هناك تشبيه تمثيلي في قول الشاعر: “لَمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ الْمُتَبَسِّـمِ” يوضح مدى جمال أسنان تلك المحبوبة.

شرح لما رأيت القوم أقبل جمعهم

يقول البيت: “لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ *** يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ”.

معاني الألفاظ:

  • القوم: جماعة من الناس.
  • يتذامرون: يحض بعضهم بعض على فعل شيء.
  • كررت: هجمت (الهجوم على الأعداء في قوة).
  • مذمم: ذموم.

شرح البيت:

يقول الشاعر أنه عندما رأى الأعداء قد أقبلوا كل واحد منهم يشجع الآخر على أن يهجم على عنترة، هجم هو عليهم جميعًا.

شرح يدعون عنترة والرماح كأنها

يقول البيت: “يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا *** أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ”.

معاني الألفاظ:

  • أشطان: حبال (مفرها شطن).
  • لبان: صدر (صدر الفرس).
  • الادهم: الأسود من الخيل (المقصود به فرس عنترة).

شرح البيت:

يريدون قتل عنترة لكن برماح طولية من بعيد، لأنهم يخافون منه، وهذه الرماح من طولها ورفعها كأنه الحبال التي تأتي بالماء من البئر.

التحليل الأدبي للبيت:

التشبيه في قوله “والرِّماحُ كأَنَّهـا أشْطَـانُ بِئْـرٍ” يوضح حال الحرب، ويصف الرماح وجبن الأعداء.

شرح ما زلت أرميهم بثغرة نحره

يقول البيت: “ما زلت أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ *** ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ”.

معاني الألفاظ:

  • بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ: المنطقة المقعرة أسفل الرقبة.
  • تسربل: لبس سربال أي الكساء أو القميص.

شرح البيت:

يقول الشاعر أنه ظل يواجه الطعنات بصدر الحصان وقبته الطويلة حتى غرق الحصان في الدم كأنه يرتدي قميص أحمر.

التحليل الأدبي للبيت:

قوله :تسربل بالدم” كناية عن شدة الجروح وكثرتها، شبه دم الفرس بالقميص الذي يتم ارتدائه.

شرح فأزور من وقع القنا بلبانه

يقول البيت: “فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ *** وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ”.

معاني الألفاظ:

  • ازور: حاد ومال.
  • القنا: الرماح.
  • لبانه: صدره.
  • عبرة: دمعة العين.
  • تحمحم: الحمحمة هي صوت الهمهمة بالنسبة للخيل، أي همهم من الألم.

شرح البيت:

يصف حال الحصان وكأنه مال جسمه إلى جانب من كثرة الطعنات التي تلقاها، وطفق يشكو إلى عنترة بالدمع والهمهمة.

التحليل الأدبي للبيت:

قوله “وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ” استعارة مكنية حيث شبه الحصان بإنسان يشكو.

شرح لو كان يدري ما الحوار اشتكى

يقول البيت: “لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى *** وَلَكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِي”.

معاني الألفاظ:

  • المُحاوَرَة: الحوار والحديث الدائر.

شرح البيت:

يقول الشاعر في وصف حال الحصان أنه لوكان يتكلم لنطق واشتكى لكنه حيوان أعجم ضعيف، بينما أحس بألمه عنترة.

ومن هنا ندعوكم إلى قراءة هذا الموضوع الهام: أشهر أدباء العرب في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام والعصر الأموي والعباسي والحديث

بذلك نكون قد قدمنا لكم تحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة الشهيرة التي أخذ عنترة يغازل بها عبلة، وذلك بالتفصيل مع شرح كل بيت وذكر المعاني بالألفاظ، نرجو أن نكون قد أفدناكم.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *