محتويات
إن صفة صلاة التراويح ذكرها علماء الدين والفقهاء، كما جاءت في السنة النبوية الشريفة عن صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم لقيام الليل في رمضان، فقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على ترغيب المسلمين في قيام شهر رمضان، ودأب من بعده الصحابة رضي الله عنهم جميعا والتابعين، وتركوا في آثارهم وما ورد عنهم كل ما يخص معرفته عن صلاة التراويح، وهذا ما سنبينه لكم على موقع تثقف.
صفة صلاة التراويح
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام الليل في رمضان لما له من عظيم الأجر، فبذلك تجتمع العبادات في الشهر الذي نزل فيه كلام الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، فيكون نهار رمضان وقت صلاة الفروض والصيام وقراءة القرآن والتصدق وعمل الصالحات، ويكون ليله فيه صلاة قيام الليل والدعاء وقراءة القرآن، وبذلك تجتمع كل أسباب الرحمة والمغفرة على العباد.
كذلك جاء في صفة صلاة التراويح ثبت في الصحيحين حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عيه وسلم قال: ” صلاةُ اللَّيلِ مَثنى مَثنى، فإذا خشِيَ أحدُكُمُ الصُّبحَ، صلَّى رَكْعةً واحدةً، توترُ لَهُ ما قد صلَّى”.
أما عن عدد الركعات كاملة ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان رسول الله يصلي من الليل عشر ركعات، يُسلِّم من كل اثنتين، ثم يوتر بواحدةٍ.”
كما قالت رضي الله عنها: ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يُصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثًا.
أي أن صفة صلاة التراويح كما يتضح من الأحاديث السابقة:
- يُصلى الركعة الأولى بالفاتحة وما تيسر للمصلي قراءته من القرآن الكريم ثم يكمل صلاة الركعة الثانية من ركوع وسجود ثم يقوم لصلاة الركعة الثانية مثل الركعة الأولى ثم يجلس للتشهد كاملًا بالصلاة الإبراهيمية ويسلم لينهي الركعتين المثنى.
- لا يجلس المصلي استراحة بل يقم ويصلي ركعتين مَثنى مثلما صلى ويجلس ويقول التشهد كاملًا بالصلاة الإبراهيمية .
- بعد الصلاة ركعتين والتسليم ثم الصلاة ركعتين والتسليم يجلس ليستريح قليلًا، وله أن يذكر الله ويدعوه في الاستراحة.
- يستأنف المصلي صلاته أربع ركعات بنفس الطريقة ركعتين ثم يسلم وركعتين ثم يسلم ثم يستريح قليلُا ثم يصلي الثلاث ركعات الشفع والوتر وله أن يصلهما ثلاثٌا دون التشهد الأوسط وله أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يصلي ركعة واحدة.
- يجوز صلاة التراويح إحدى عشرة ركعة كما يجوز أن تصلى ثلاثة عشرة ركعة، وثبت عن الصحابة أنهم صلوها حتى ثلاثة وعشرون ركعة، وله أن يصلي ما شاء ولكن مع وجوب الصلاة ركعتين ركعتين.
وقت صلاة التراويح
الأصل أن وقتها من بعد صلاة العشاء وينتهي بآذان صلاة الفجر، واعتاد المسلمون على تسمية صلاة التراويح على صلاة قيام الليل بعد صلاة العشاء في أول الليل في رمضان.
تعريف صلاة التراويح
عرف علماء اللغة التراويح على أنها جمع تكسير لكلمة ترويحة، والترويحة في اللغة العربية هي اسم يطلق على المرة الواحدة من الراحة، وهي اسم للجلسة مطلقًا.
سميت التراويح بذلك الاسم لأن المسلمون كانوا يطيلون الصلاة في قيام الليل فكانوا يطيلون الوقوف والركوع والسجود، فكان المسلمون يصلون أربع ركعات ثم يستريحون ثم يستأنفون الصلاة أربع ركعات ثم يستريحون ثم يصلون ثلاثًا الوتر.
فأطلقوا عليها التراويح مجازًا، ثم أصبح يطلق الاصطلاح على صلاة قيام أول الليل في رمضان.
شاهد أيضًا: طريقة صلاة التراويح في البيت وفضل صلاة التراويح
حكم صلاة التراويح
أجمع جمهور العلماء على أنها سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد رغب بالصلاة فيها وبين أجر تأديتها فعن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرغِّبُ في قيامِ رمضانَ من غيرِ أنْ يأمَرَهم فيه بعزيمةٍ، فيقول: مَن قامَ رَمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه).
كما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح في جماعة في المسجد، وأول من صلاها كان الرسول وصحابته في المسجد ثم تركها خشية أن يعتقد الناس من بعده أنها كانت فريضة.
جاء في الحديث الذي روي عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلى في المسجدِ ذاتَ ليلةٍ، فصلَّى بصلاتِه ناسٌ، ثم صلَّى من القابلةِ، فكثُر الناسُ، ثم اجتمعوا من الليلةِ الثالثةِ، أو الرابعةِ، فلم يخرجْ إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا أصبح قال: قد رأيتُ الذي صنعتُم، فلم يَمنعني من الخروجِ إليكم إلَّا أنِّي خشيتُ أن تُفرَضَ عليكم).
بعد إكمال الدعوة وتمامها والتثبت من الفروض والسنن وزوال خوف الالتباس، بقي مشروعية صلاة التراويح في جماعة بالمسجد مع جواز صلاتها بالبيت.
عن عبد الرحمنِ بنِ عبدٍ القارئِ، قال: (خرجتُ مع عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْه ليلةً في رمضانَ إلى المسجدِ، فإذا الناسُ أوزاعٌ متفرِّقون يُصلِّي الرجلُ لنَفسِه، ويُصلِّي الرجلُ فيُصلِّي بصلاتِه الرهطُ، فقال عُمرُ رَضِيَ اللهُ عَنْه: إني أَرَى لو جمعتُ هؤلاءِ على قارئٍ واحدٍ، لكان أمثلَ، ثم عَزَمَ فجمَعَهم إلى أُبيِّ بنِ كعبٍ، ثم خرجتُ معه ليلةً أخرى والناسُ يُصلُّونَ بصلاةِ قارئِهم. فقال عمرُ: نِعمَ البدعةُ هذِه، والتي ينامون عنها أفضلُ؛ يُريد آخِرَ اللَّيلِ، وكان الناسُ يقومونَ أَوَّلَه”.
فضل صلاة التراويح
إن صلاة التراويح لها من الأجر والثواب العظيم الذي بسببه حرص المسلمون على ألا يحرموا أنفسهم هذا الأجر العظيم، ويجب تعليم أولادنا صفة صلاة التراويح منذ الصغر حتى يحصلوا على ثوابها، ومن فضائل صلاة التراويح:
غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب
الذي يصلى صلاة التراويح كل ليالي رمضان غفر الله له ما تقدم وما تأخر من ذنبه، فعن أَبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرغِّبُ في قيامِ رمضانَ من غير أنْ يأمرَهم فيه بعزيمةٍ، فيقولُ: مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه.”
فمن منا لا يتمنى أن يغفر الله له كل ذنوبه ويعفو عنه، وقال الشيخ ابن عثيمين: “ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التراويح لينال ثوابها وأجرها”.
تربية للنفس
إن المداومة على صلاة التراويح في رمضان تعود الناس على قيام الليل في غير رمضان، وقيام الليل له من الأجر والثواب العظيم وذكره الله سبحانه وتعالى في مواضع كثيرة في القرآن الكريم.
فقيام الليل هو عبادة القانتين المؤمنين الأخيار، فقال تعالى: “أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (9)” سورة الزمر.
فالقائمون بالليل في منزلة أعلى في الإيمان، فالناس جميعًا نائمون أو مرتاحون وهم يصلون قيام الليل خوفًا من عذاب الآخرة: “وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا” (الفرقان،64).
قال عنهم الرحمن في سورة السجدة: “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ”(السجدة: 6).
فصلاة التراويح تربي النفس والجسد على أداء هذه العبادة ذات الأجر العظيم، ويلاحظ أن صفة صلاة التراويح هي صفة قيام الليل في تأديتها.
شاهد أيضًا: الدعاء بعد الانتهاء من صلاة التراويح .. الدعاء بعد صلاة الوتر
الفوز بثواب قيام الليل كله
تبين مشروعية صلاة التراويح في المسجد وأن المسلمون يصلونها في جماعة خلف الإمام إلى أن ينتهي من الصلاة ثم ينصرفون على بيوتهم، وقد ورد حديث عن فضل الصلاة خلف الإمام فعن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: “قلت: يا رسولَ اللهِ، لو نَفَّلْتَنا قيامَ هذه اللَّيلةِ؟ فقال: إنَّ الرَّجُلَ إذا صلَّى مع الإمامِ حتى ينصرفَ، حُسِبَ له قيامُ ليلة”.
قال ابن العثيمين رحمه الله: (ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ليحصل له أجر قيام الليل كله)، فالذي يصلي صلاة العشاء ثم يصلى التراويح خلف الإمام حتى ينصرف تكتب له أجر قيام الليل كله وليس ثلثه فقط، ويجب على المسلمين تعليم أولادهم صفة صلاة التراويح وفضلها.
دعاء القنوت في التراويح
القنوت سنة ولا حرج في تركه وهو يدعى به في القيام من الركوع في آخر ركعة في صلاة الوتر، ويسن الدعاء به في صلاة التراويح في رمضان وقيام الليل عامة.
روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنه قال: علَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولهُنَّ في قنوتِ الوترِ:
“اللهمَّ اهدني فيمن هديتَ وعافني فيمن عافيتَ وتولَّني فيمن تولَّيتَ وبارِكْ لي فيما أعطيتَ وقِنِي شرَّ ما قضيتَ فإنك تقضي ولا يُقضى عليكَ إنَّهُ لا يُذَلُّ من واليتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليتَ”.
ووردت أدعية عن الرسول صلى الله عليه وصحابته رضوان الله عبيه دأب الأئمة الدعاء بها في القنوت ومنها:
“فَلَكَ الحَمدُ يا الله عَلى ما قَضَيْت وَلَكَ الشُّكرُ عَلى ما أَنْعَمتَ بِهِ عَلَينا وَأَوْلَيت. نَستَغفِرُكَ يا رَبَّنا مِن جمَيعِ الذُّنوبِ والخَطايا ونَتوبُ إليك وَنُؤمِنُ بِكَ ونَتَوَكَّلُ عَليك ونُثني عَليكَ الخَيرَ كُلَّه. أَنتَ الغَنِيُّ ونحَنُ الفُقَراءُ إليك أَنتَ الوَكيلُ ونحَنُ المُتَوَكِّلونَ عَلَيْك أَنتَ القَوِيُّ ونحَنُ الضُّعفاءُ إليك أَنتَ العَزيزُ ونحَنُ الأَذِلاَّءُ إليك اللّهم استُرنا فوق الأرضِ وتحت الأرضِ و يوم العرض عليك. اللهم أحسِن وُقوفَنا بين يديك ولا تُخزِنا يوم العرضِ عليك اللّهم أَحسِن عاقِبتَنا في الأُمورِ كُلها وأجِرْنا من خِزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة يا حنَّان يا منَّان يا ذا الجلال والإكرام. نَسأَلُكَ يا رَحمنُ أَنْ تَرْزُقَنا شَفَاعَتَهُ وَأَورِدْنا حَوْضَهُ وَاسْقِنا مِن يَدَيْهِ الشَّريفَتينِ شَرْبَةً هَنيئَةً مَريئَةً لا نَظْمَأُ بَعدَها أَبَداً. اللَّهم كما آمَنَّا بِهِ وَلم نَرَه فَلا تُفَرِّق بَيْنَنا وَبَينَهُ حتى تُدخِلَنا مُدخَلَه بِرحمَتِكَ يا أَرحَمَ الراجمين“.
شاهد أيضًا: دعاء القنوت في أول ليلة من رمضان.. دعاء الوتر آخر الليل
بينا فيما سبق صفة صلاة التراويح كما جاءت في السنة الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كذلك ذكرنا وقت صلاة التراويح وتعريف صلاة التراويح وحكم صلاة التراويح، وبينا فضل صلاة التراويح من حيث: غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب، وتربية للنفس، والفوز بثواب قيام الليل كله، كما بينا دعاء القنوت في التراويح كما جاء في السنة النبوية الشريفة وما رواه الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم جمعين.
التعليقات