حكم السفر بدون محرم وأقوال العلماء فيه

حكم السفر بدون محرم وأقوال العلماء فيه هو من المسائل الفقهية التي تكطثر حولها التساؤلات في هذا العصر، وتحديدًا بعد أن اختلفت طرق السفر وطرائقه في هذا العصر عمّا كانت عليه في العصور السابقة وتحديدًا في العصور الإسلامية القديمة، لذلك سوف نقوم من خلال هذا المقال بتسليط الضوء على هل يجوز السفر بدون محرم وما يتعلق بهذا الحكم الشرعي من أحكام شرعية أخرى تتعلق بموضوع السفر مع مجموعة من النساء أو السفر في وجود عناصر الأمن وغير ذلك من الأمور التي ترتبط بهذا العصر ومعطياته بشكل كبير.

حكم السفر بدون محرم

إنَّ الأصل والأساس في حكم السفر من غير وجود محرم بالنسبة للنساء هو أنَّه لا يجوز للمرأة أن تسافر وحيدة بلا محرم معها، ولو كان السفر إلى الحج أو كان سفرًا لزيارة والدين أو أي نوع من أنواع السفر، والأدلة الشرعية على تحريم سفر المرأة من غير محرم كثيرة، ومنها:

• عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ النبي محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، ولَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا ومعهَا مَحْرَمٌ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وكَذَا، وامْرَأَتي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقالَ: اخْرُجْ معهَا”.
• عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النبي محمد عليه الصلاة والسلام قال: “لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ”.
• قال الإمام النووي رحمه الله تعالى وهو شافعي المذهب: “فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم”.

حكم سفر المرأة في الطائرة بدون محرم

يتساءل الكثير من المسلمين عن موضوع سفر المرأة من غير محرم بواسطة الطائرة، خاصة وأنّ هذه الوسيلة في السفر والتنقل لم تكن موجودة في أيام النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن علماء المسلمين ذكروا أنّه لا يجوز أن تسافر المرأة المسلمة في الطائرة ولا في غير الطائرة بدون وجود محرم، وذلك استنادًا على الأحاديث النبوية الشريفة التي ذُكرت عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفيما يأتي نذكر قول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في هذا الموضوع:

لا يجوز سفر المرأة المسلمة في الطائرة ولا غيرها بدون محرم يرافقها في سفرها؛ لعموم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: “لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم” متفق على صحته؛ ولأنه من المحتمل تعرضها للمحذور في أثناء سير الطائرة بأية وسيلة من الوسائل، ما دامت ليس لديها من يحميها، وأمر آخر وهو أن الطائرات يحدث فيها خراب أحيانًا، فتنزل في مطار غير المطار الذي قصدته، ويقيم ركابها في فندق أو غيره في انتظار إصلاحها، أو تأمين طائرة غيرها، وقد يمكثون في انتظار ذلك مدة طويلة أو يوم أو أكثر، وفي هذا ما فيه من تعرض المرأة المسافرة وحدها للمحذور.

حكم سفر المرأة بدون محرم مع الأمن

أفتى علماء المسلمين بضرورة وجود محرم مع المرأة في سفرها وأنه لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم حتّى مع وجود الأمن، وعلى الرغم من أنّ بعض أهل العلم أجاز أن تسافر المرأة مع النساء إن كن أمينات ثقات ولكنّ هذا اجتهاد مختلف فيه، والأصل أنَّ سفر المرأة لا يكون إلّا بوجود المحرم، وهذا ما ثبت عن أهل العلم، قال عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

لا بد من محرمٍ؛ لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: “لا تُسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرمٍ” متفق على صحَّته، وأما حديث: لا تخاف إلا الله والذئبَ على غنمها فهذا ليس فيه إذنٌ، وإنما فيه خبرٌ عن وجود الأمن، وأنَّ هذا يقع، والإخبار عن الواقع غير بيان الأحكام الشرعية، الإخبار عن الواقع شيءٌ والأحكام شيءٌ ثانٍ، هذا من التلبيس بالاحتجاج بهذا، هذا من اتباع المتشابه.

حكم سفر المرأة بدون محرم مع مجموعة نساء

إنَّ الأصل والأساس في سفر المرأة المسلمة هو أن يكون معها محرم في سفرها، ولكنّ بعض أهل العلم والفقه رخص السفر بغير محرم في حال وجب على المرأة الحج والعمرة، وذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أنه يجوز للمرأة أن تسافر بغير وجود محرم إذا أمنت الفتنة في سفرها، فإذا سافرت المرأة مع مجموعة من النساء الأمينات الثقات فلا حرج عليها عند فريق من أهل العلم، ولذلك وبالنظر إلى هذا الخلاف الحاصل بين أهل العلم فالأفضل أن تخرج نساء المسلمين من هذا الخلاف وأن تسافر مع محرم فهو أولى وأحوط لها من أن تقع فيما حرم الله تعالى، والله أعلم وأحكم.

حكم سفر المرأة بدون محرم داخل البلد

إنَّ موضوع السفر للمرأة بدون محرم داخل البلد هو من المواضيع التي اختلف فيها أهل العلم، ومن الخلاف الحاصل بينهم ما سيأتي:

• من حرم السفر داخل البلد بغير محرم: إنَّ القول الراجح في أقوال أهل العلم أنّه لا يجوز للمرأة أن تسافر وحيدة داخل البلد لأ،ّ الأصل في سفر المرأة أن يكون بوجود محرم، قال عليه الصلاة والسلام: “لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، ولَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا ومعهَا مَحْرَمٌ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وكَذَا، وامْرَأَتي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقالَ: اخْرُجْ معهَا”.
• من أباح السفر داخل البلد بغير محرم: قال بعضهم إنه يجوز للمرأة أن تسافر داخل البلد من دون محرم إذا أمنت الطريق، ولا فرق في نوع السفر سواء كان سفرًا واجبًا أو سفرًا مستحبًا أو سفرًا مُباحًا، على ألّا يكون السفر سفر معصية فعندها لا يجوز السفر كله سواء كان بوجود محرم أو بعدم وجود محرم.

هل يجوز السفر بدون محرم للدراسة

الأصل في هذا الحكم هو أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر وحيدة بغير محرم سواء كان السفر من أجل الدراسة أو من أجل أداء فريضة الحج أو لأي سبب آخر، وهذا ما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله: “لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم”، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ بعض العلماء والفقهاء جوزوا سفر المرأة بدون محرم إذا كان الطريق آمنًا وليس فيه أي نوع من الأخطار ولكن ظاهر الأحاديث النبوية الشريفة يمنع هذا القول ويعارضه، لذلك الأولى ألَّا تسافر المرأة إلّا بوجود محرم بغض النظر عن سبب السفر.

هل يجوز السفر بدون محرم للسياحة

ينطبق على هذا الحكم ذات الأمر الذي انطبق على الأحكام السابقة التي تتعلق بسفر المرأة، وهو أنَّ سفر المرأة بغير محرم لا يجوز في الشرع الإسلامي كما ورد في ظاهر أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى الرّغم من أنّ بعض أهل العلم أباح سفر المرأة بغير وجود محرم إذا أمنت الطريق إلّا أنّ الأولى أن تحتاط المرأة وتبتعد عن مثل هذه الأمور التي يقع فيها الخلاف بين أهل العلم.

أقوال العلماء في سفر المرأة بدون محرم

عطفًا على ما مر من أحكام شرعية تتعلق بسفر المرأة المسلمة من غير وجود محرم سوف نقدم فيما يأتي مجموعة من الأقوال للعلماء والفقهاء في هذا الأمر:

مقالات قد تهمك

نكتفي بهذا القدر من الأحكام الشرعية المتصلة بموضوع هذا المقال وهو حكم السفر بدون محرم وأقوال العلماء فيه حيث مررنا فيه على موضوع السفر للمرأة بدون محرم بالطائرة أو بوجود الأمن أو مع مجموعة من النساء، وذكرنا فيه أقوال الفقهاء وأهل العلم في هذه المسألة الفقهية المهمة للغاية.