لماذا عادت أسعار الذهب للتراجع مؤخرًا؟ وهل الوقت مناسب للاستثمار؟

اكتسب سوق الذهب زخمًا صعوديًا في الشهر الأول من عام 2023، حيث ارتفع بنسبة تزيد عن 7% في يناير مدعومًا بإعادة فتح الصين وبالتالي المرونة المتوقعة في الطلب بالإضافة إلى التوقعات المتزايدة بتباطؤ البنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع وتيرة سعر الفائدة، ومع ذلك، تراجع المعدن النفيس منذ ذلك الحين ليسجل أدني مستوياته في شهرين مع نهاية شهر فبراير ليتداول بقليل فوق مستوي الدعم النفسي 1800 دولار للأونصة.

وقد خسر الذهب في شهر فبراير جميع المكاسب تقريبًا التي حققها في يناير، لتبلغ خسارته الشهرية نحو 6.5% مسجلًا أكبر تراجع شهري في عامين ونصف، على الرغم من وصوله إلى أعلى مستوياته في عشرة أشهر عند 1951 دولار للأونصة في 2 فبراير، تعاذ تلك الخسائر القوية إلى قوة الدولار الأمريكي خلال نفس الفترة، حيث تحولك توقعات أسعار الفائدة الأمريكي إلى العكس تمامًا، وذلك بعد اصدار الاقتصاد الأمريكي مجموعة من البيانات القوية التي أكدت على مرونة الاقتصاد الأمريكي وحاجته إلى مزيد من التشديد النقدي.

لماذا تراجع الذهب في شهر فبراير؟

على مدار عام 2022 أدى ثقل التضخم المرتفع والظروف النقدية المشددة إلى انخفاض أسعار تداول الذهب لتصل إلى أدنى مستوياتها في عامين ونصف العام في نوفمبر، حيث فضل المستثمرون الأدوات ذات العوائد المرتفعة مثل السندات على الذهب غير العائد.

ولكن تغير المشهد منذ شهر نوفمبر حتي نهاية يناير، ويرجع ذلك في الغالب إلى التوقعات المتزايدة ببداية فترة الانكماش التي أشارت إلى حدوث ركود في عام 2023، وقد سمح هذا للذهب بالارتفاع بنسبة 20% من أدنى مستوياته في نوفمبر 2022 حتي يناير، ولكن مع بداية فبراير 2023 تراجع السعر بشكل كبير، مما يعني أن الانتقال من أدنى مستوياته في نوفمبر إلى السعر الحالي انخفض إلى ما يزيد قليلاً عن 13%.

جاء معدل التضخم في الولايات المتحدة عند 6.4% في يناير 2023 متراجعًا للشهر السابع على التوالي ويشير إلى تراجع التضخم في الاقتصاد الأمريكي، في غضون ذلك، رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع فبراير على عكس 50 نقطة أساس و 75 نقطة أساس التي تم تطبيقها في عام 2022، وفي الوقت نفسه، جاءت أحدث بيانات الوظائف الأمريكية مفاجأة على الجانب الصعودي، مع إضافة أكثر من مليون وظيفة إلى الاقتصاد وانخفاض معدل البطالة منذ عقود بنسبة 3.4% في يناير.

المشكلة بالنسبة للذهب الآن هي أن البيانات الأخيرة أظهرت مرونة غير متوقعة دفعت المستثمرين في السوق إلى إعادة التفكير في آرائهم حول آفاق الاقتصاد الأمريكي والانتقال من عقلية الركود إلى سيناريو”عدم الهبوط “، مما يعني أن التضخم سوف ينزل ببطء دون إعاقة النمو في هذه العملية، وقد تسبب هذا في تراجع الذهب.

هل الذهب استثمار جيد في عام 2023؟

هل هذا هو الوقت المناسب لشراء الذهب والأمل في انتعاش السعر؟ سؤال يراود الكثيرين، كان محللو السلع حذرين للإجابة على هذا السؤال في بيئة أسعار الفائدة الحالية.

لاحظ المحللون في بنك ANZ في 9 فبراير: أن الذهب يستفيد من انخفاض الدولار الأمريكي وتوقعات تقليص البنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية، لكن مستويات التضخم لا تزال أعلى بكثير من المستوي المستهدف للبنك البالغ  2%، وهذا قد يضمن عكس اتجاه الدولار مع أي تعليقات متشددة من البنك الاحتياطي وبالتالي من المتوقع تصحيح السعر على المدى القصير.

يتوقع المحللون أن ينخفض الذهب إلى 1730 دولار بحلول نهاية الربع الأول من عام 2023 وأن يرتفع إلى 1900 دولار بحلول نهاية عام 2023، ومع ذلك، قد ينخفض السعر قليلاً إلى متوسط 1895 دولار في عام 2024.

كان المحللون في بنك الاستثمار الكندي TD Securities يتجهون نحو الانخفاض بشأن آفاق الذهب في الربع الأول من عام 2023 فقالوا: على الرغم من الارتفاع الأخير من المتوقع أن تؤدي الزيادة الحادة المستمرة في أسعار الفائدة الحقيقية والاسمية في الولايات المتحدة إلى دفع الذهب نحو 1575 دولار للأونصة في الربع الأول من عام 2023، وقد يبدأ المعدن الأصفر في الاتجاه الصعودي نحو 1800 دولار بعد الربع الأول، حيث سيتضح أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقترب من نهاية دورة التشديد ويبدأ السوق في التطلع نحو التخفيضات في الأفق.

ومع ذلك، من المرجح أن يؤدي التصعيد الأخير للصراع بين روسيا وأوكرانيا إلى تدفقات الملاذ الآمن على الذهب، مما يحافظ على دعمه جيدًا في أفق 12 شهرًا المقبلة، لهذا من المرجح أن يتحرك الذهب صعوديًا مع اعتدال عوائد السندات وتقلب الدولار.

في الواقع، ستظل توقعات الذهب تعتمد على بيانات الاقتصاد الأمريكي ومعنويات المستثمرين، فإذا كانت البيانات تشير إلى اقتصاد أمريكي مرن حيث نرى بطء التضخم مقترنًا بالمرونة في بيانات الوظائف والناتج المحلي الإجمالي، فمن المتوقع أن يواجه الذهب صعوبة في الصعود، إذا كان على العكس من ذلك، حيث تستمر البيانات في الإشارة إلى المصاعب الاقتصادية التي ستجبر البنك الاحتياطي الفيدرالي على التراجع من تشديد السياسة النقدية، فمن المرجح أن يستأنف الذهب الحركة صعوديًا نحو 2000 دولار للأونصة.

الذهب استثمار جيد على المدي الطويل

خدم الذهب كمخزن للقيمة طويل الأجل لآلاف السنين وغالبًا ما كان يستخدم كشكل من أشكال الدفع، يختار بعض المستثمرين الاحتفاظ بحوالي 5% – 10% من قيمة محفظتهم في شكل ذهب سواء كانت سبائك مادية أوعملات معدنية أو أدوات مثل الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs)، لتنويع ممتلكاتهم وربما التحوط ضد الانهيارات في قيمة الأسهم أو السندات أو النقود الورقية.

يستخدم الذهب في الغالب في المجوهرات وكوسيلة استثمارية، ارتفع الطلب العالمي على الذهب بنسبة 11% في عام 2022 ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عقد مدفوعًا برغبة المستثمرين الاستثنائية، وفقًا لمجلس الذهب العالمي، بلغ الطلب الاستثماري على الذهب 1107 أطنان بزيادة 10% على أساس سنوي، وفي الوقت نفسه، انخفض استهلاك المجوهرات بنسبة 3% إلى 2086 طنًا، وزاد الطلب على سبائك الذهب والعملات المعدنية إلى 1217 طنًا.

غالبًا ما تستخدم المجوهرات أيضًا كشكل من أشكال الاستثمار المادي في الذهب، يحظى هذا بشعبية خاصة في الصين والهند أكبر سوقين في العالم، حيث يستثمر المستهلكون في المجوهرات الذهبية لتخزين ثرواتهم وتقديمها كهدايا خلال المهرجانات وحفلات الزفاف.

الذهب مقوم بالدولار الأمريكي مما يعني أن سعره يميل إلى التحرك في اتجاه معاكس، مما يجعله تحوطًا محتملاً ضد انخفاض القيمة النسبية للعملة الاحتياطية العالمية، كما أنه يميل إلى اكتساب قيمة كاستثمار خلال فترات التضخم وفترات عدم اليقين المدفوعة بعدم الاستقرار الجيوسياسي أو الأحداث العالمية الأخرى.

وبينما تُستخدم المعادن الثمينة الأخرى أيضًا كتحوط للمحفظة، فإن الاستثمار في الذهب يتمتع بسيولة عالية، قد يسمح ذلك للمستثمرين بتبادل ذهبهم بسرعة مقابل نقود في أي وقت، وقد أصبح شراء الذهب عبر الإنترنت متاحًا بشكل متزايد للمستثمرين، المجوهرات الذهبية والعملات المعدنية والسبائك هي طرق للمستثمرين لتمرير ثرواتهم كإرث وهي بدائل لحيازة أسهم الذهب.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *