محتويات
ما حكم الجماع أثناء الصيام؟ وما هو حكم المداعبة في رمضان بين الزوجين؟ هناك الكثير من الأحكام والضوابط التي حددها الفقهاء وأهل العلم في شأن الأفعال والأمور التي تفسد الصوم، والتي يجب على المسلم معرفتها لتجنب الوقوع بها.
لذا سوف نقدم لكم من خلال موقع تثقف الإجابة عن سؤال ما هو حكم المداعبة في رمضان بين الزوجين، وسوف نتعرف على إجابة باقي الأمور التي تتعلق بها الموضوع في السطور التالية.
حكم المداعبة في رمضان
اختلف آراء أهل العلم في حكم المداعبة في رمضان، فذهب البعض إلى جواز حدوث المداعبة بين الزوجين وذهب البعض الأخر إلى عدم جواز حدوث هذا الأمر بعدم الوقوع فيما يترتب عليه من نتائج تؤدي إلى إفساد الصيام، وسوف نتعرف على آراء العلماء فيما يلي:
شاهد أيضًا: حكم تقبيل الزوجة من الفم في نهار رمضان
الرأي الأول
رأى جمهور العلماء أنه يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته خلال فترة صومه وأن يقبلها، إلا في حالة خوفه من الوقوع في المجامعة أو الإنزال، استنادًا على ما ورد في الصحيحين عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت:
“كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرَبِهِ”، وفي رواية أخرى عند أحمد ومسلم: ” “كان يُقَبِّلُ في رمضانَ وَهُوَ صَائِمٌ”.
الرأي الثاني
وجد بعض أهل العلم أن هذا الأمر هو شيء خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حيث إنه يتحكم في شهوته، على خلاف غيره من الناس، وقد روى عن عمر بن أبي سلمة قال:
“عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، أنَّهُ سَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: سَلْ هذِه لِأُمِّ سَلَمَةَ فأخْبَرَتْهُ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ ذلكَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَما وَاللَّهِ، إنِّي لأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَخْشَاكُمْ له”.
هنا يوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المداعبة والتقبيل شيء غير مقصور على الرسول (ص) فقط بل هو مشروع لمن يقدر على التحكم في شهوته، ويقول النبي (ًص) كيف تظنون بي أن ارتكب أمور منهي عنها.
الرأي الثالث
يرى العلماء بأنه على المسلم الصائم أن يتجنب الوقوع في إثارة الشهوة خلال فترة الصيام كما رواه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “قولُ الله عزَّ وجَلَّ: الصَّومُ لي وأنا أجزي به؛ يدَعُ شَهوتَه وأكْلَه وشُربَه مِن أجلي“.
هنا نجد أن المواصلة في مداعبة الزوجة إلى هذه الدرجة تؤدي إلى إفساد الصيام، وأن من لا يتمالك نفسه عليه الابتعاد عن مداعبة زوجته، لهذا يرى جمهور أهل العلم أن القبلة والمداعبة أمر مكروه ومحرم فعله على من تتحرك شهوته.
حيث قال “الشيرازي” في المهذب: أن من قبل زوجته وحركت تلك القبلة شهوته كُره له أن يقبل أثناء صيامه، ونجد أن الكراهة هنا كراهة تحريم، وإن تكن لم تحرك القبلة شهوته قال الإمام الشافعي: فلا بأس بها ولكن تركها أولى.
اقرأ أيضًا: ما حكم الاحتلام في نهار رمضان
حكم المداعبة بالكلمات في نهار رمضان
ذهب أهل العلم بأنه يجوز مداعبة الزوجين لبعضهما بالكلمات في خلال نهار رمضان، لكن بشرط أن يأمنا على نفسيهما من خطر الإنزال وإفساد الصيام.
أما في حالة خوفهما من حدوث إنزال وإبطال الصيام، فالرجل الذي يخشى أنه عند مداعبة زوجته بالكلمات أن يبطل صومه وينزل المني، فلا يجوز فعل هذا الأمر نظرًا لتعرض صيامه للإبطال.
كذلك الأمر في حال خشيته من إنزال المذي الذي قد يترتب عليهما الوقوع في الجماع وإفساد الصوم وارتكاب الذنب، وبناءً على هذا الأمر أنه بمجرد قول الزوج لزوجته كلمات غزل ومحبة لا تبطل الصيام في حال قدرته على تمالك شهوته.
ما حكم الجماع أثناء الصيام
إن الله أباح الجماع في ليالي شهر رمضان المبارك أي من غروب الشمس حتى طلوع الفجر، وذلك في قوله الله -عز وجل-:
“أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ“.
أما في حالة الوقوع في الجماع في نهار شهر رمضان فأجمع جمهور العلماء وأهل الفقه على تحريمه وأنه يُعد من مبطلات الصيام، حيث قال في المغني:
“لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا، فِي أَنَّ مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، أَوْ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ، أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ إذَا كَانَ عَامِدًا، وَقَدْ دَلَّتْ الأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى ذَلِكَ“.
كفارة الوقوع في الجماع في نهار رمضان
كما أن الجماع في نهار رمضان من أكبر مبطلات الصيام ويجب عند حدوثه الكفارة، وروى أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
“جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: هَلَكْتُ، فَقالَ: وما ذَاكَ؟ قالَ: وقَعْتُ بأَهْلِي في رَمَضَانَ، قالَ: تَجِدُ رَقَبَةً؟، قالَ: لَا، قالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟، قالَ: لَا، قالَ: فَتَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بعَرَقٍ، والعَرَقُ المِكْتَلُ فيه تَمْرٌ، فَقالَ: اذْهَبْ بهذا فَتَصَدَّقْ به، قالَ: علَى أحْوَجَ مِنَّا يا رَسولَ اللَّهِ، والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ مِنَّا، قالَ: اذْهَبْ فأطْعِمْهُ أهْلَكَ“.
نجد في هذا الحديث الشريف يروي أبي هريرة -رضي الله عنه- أن هناك رجلًا جاء إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلًا له فعلت أمر يسبب هلاكي فسأله الرسول (ًص) عن هذا الفعل فأجب أنه جامع زوجته في نهار رمضان.
فسأله النبي (ص) هل يمكنك أن تعتق رقبة؟ فقال: الرجل لا استطيع، وسأله النبي متابعةً هل صيام شهرين متتابعين؟ فقال الرجل لا اقدر على ذلك، فتاعب النبي -صلى الله عليه وسلم- هل تقدر أن تطعم ستين مسكين، فقال الرجل لا أقدر، فقال النبي (ص) للرجل أن يجلس فجلس الرجل.
بعدها جاءه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرق فيه تمر قال له خذ هذا العرق فتصدق به فقال الرجل: على أفقر منا، حينها ضحك سيد الخلق سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى بجد بدت آخر أسنانه تعجبًا من حال هذا الرجل، ثم قال له أطعمه لأولادك.
شاهد أيضًا: حكم الإفطار في رمضان عمداً
هكذا نكون قدمنا لكم حكم المداعبة في رمضان هل يفسد الصيام أم لا، كما تعرفنا على حكم الجماع في نهار رمضان والكفارة التي يجب فعلها عند الوقوع بهذا الفعل المحرم، حيث تًعد تلك الأحكام من الأمور التي يجب على المسلم معرفتها والإحاطة بها، ونتمنى أن نكون أفدناكم.
التعليقات