حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة
حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة هو أحد الأحكام الشرعية المهمة بالنسبة لجميع المسلمين، فالاحتفال بالمولد النبوي أمر شائع في كل المجتمعات الإسلامية ولكن قلة من يعرفون رأي المذاهب الإسلامية الأربعة في هذا الاحتفال وهل هومُباح في الشرع الإسلامي أم محرم، ولذلك سوف نقوم عبر هذا المقال بتسليط الضوء على رأي المذاهب الإسلامية الأربعة في موضوع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وسنمر أيضًا على رأي الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهما الله.

ما هو المولد النبوي الشريف

مناسبة المولد النبوي الشريف هي المناسبة التي يحتفل بها المسلمون في مختلف دول العالم الإسلامي بمناسبة ولادة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وتأتي هذه المناسبة في يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام هجري، ولا يتم الاحتفال بهذه المناسبة على أنها عيد في كثير من دول العالم الإسلامي ولكن يتم الاحتفال بها إحياء لذكرى ولادة الحبيب المصطفى خير خلق الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وجدير بالقول إنَّ هذه المناسبة تُعدّ إجازة رسمية في كثير من الدول العربية كدول بلاد الشام والمغرب العربي وبعض الدول في الخليج العربي أيضًا، وقد وردت أقوال كثيرة عن العديد من المؤرخين العرب فيما يتعلق بتاريخ بداية الاحتفال بهذه المناسبة، ومن هذه الأقوال:

  • قال السيوطي: “أنه أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون”.
  • قال ابن خلكان: “كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، قدم من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي فعمل له كتاب (التنوير في مولد البشير النذير)، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار”.
  • قال ابن كثير: “كان الملك المظفر يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً، وكان مع ذلك شهمًا شجاعًا بطلاً عاقلاً عالمًا عادلاً”.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة

اختلفت آراء أهل العلم في المذاهب الإسلامية الأربعة في مسألة الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف، وجاء الاختلاف فيما بينهم على النحو الآتي:

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب المالكي

ذهب أتباع المذهب المالكي إلى أنَّ الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف بدعة غير مستحبة، فالأعياد التي شرعها الله تعالى للمسلمين هما: عيد الأضحى وعيد الفطر، والاحتفال بالمولد النبوي الشريف لم يرد في قرآن أو سُنة، وبالتالي هو بدعة مستحدثة في الدين الإسلامي، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار والعياذ بالله، فالأولى أن يبتعد المسلم عن الاحتفال في هذه المناسبات التي ليس لها أصل في الشرع.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب الشافعي

ذهب أتباع المذهب الشافعي إلى أنَّ الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف بدعة أيضًا، وهم في هذا يوافقون المذهب المالكي، فهذه المناسبة لم ترد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الشريفة، وهذا يعني أنَّ الاحتفال بها أمر لم يرد في الإسلام، فهو بدعة والأصل تركه، والله أعلم.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب الحنفي

اختلف الأحناف في مسألة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فمنهم من قال إنَّه جائز ولا حرج فيه بشرط أن يكون الاحتفال وفق الضوابط الشرعية الإسلامية، ومنهم من قال إنّه لا يجوز لأنَّه بدعة مستحدثة في الشرع الإسلامي، والله أعلم وأحكم.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب الحنبلي

ذهب الحنابلة إلى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إذا كان بغرض التذكير بولادة خير الخلق وليس غرضه التعظيم والإضافة والابتداع في الدين فهو جائز، أمَّا إذا كان بقصد التعظيم والإضافة في الدين حتَّى يصير الاحتفال بالمولد النبوي كالاحتفال بعيد الأضحى وعيد الفطر فهذا غير جائزة ويدخل في دائرة البدع، والله أعلم.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي ابن باز

ذهب الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى إلى أنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة مستحدثة لم يفعل النبي محمد عليه الصلاة والسلام ولم يفعلها أحد من أصحاب رسول الله، ولهذا فالاحتفال بالمولد النبوي غير جائز والأولى الابتعاد عنه، فرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- هو الهادي والمرشد الأول للأمة الإسلامية ولو كان الاحتفال بمولده فيه خير لأرشدنا إليه صلوات الله عليه، وفيما يأتي قول الشيخ عبد العزيز في هذه المسألة:

الاحتفال بالمولد النبوي غير مشروع، بل هو بدعة، لم يفعله النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولا أصحابه، وهكذا الموالد الأخرى، لـعلي أو للحسين أو لـعبد القادر الجيلاني أو لغيرهم، الاحتفال بالموالد بدعة غير مشروعة، والرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- هو الداعي إلى كل خير، وهو المعلم المرشد للأمة، وقد بعثه الله بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا يدعو إلى كل خير.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي ابن عثيمين

يرى الشيخ محمد بن صالح العثيمين أنَّ ليلة مولد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة غير معروفة بشكل قطعي، فقيل هي ليلة التاسع من شهر ربيع الأول وقيل ليلة الثاني عشر وقيل ليلة السابع عشر، وقال ابن عثيمين إنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أمر لا أصل له في الشرع الإسلامي، فلم يفعله النبي ولم يأمر الصحابة بفعله ولم يفعله الصحابة من تلقاء أنفسهم أيضًا، فالأولى الابتعاد عنه لأنه بدعة من البدع المستحدثة في هذا الدين، وفيما يأتي قول الشيخ ابن عثيمين كما ورد عنه:

من الناحية الشرعية فالاحتفال لا أصل له أيضاً لأنه لو كان من شرع الله لفعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو بلغه لأمته ولو فعله أو بلغه لوجب أن يكون محفوظاً لأن الله- تعالى- يقول: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فلما لم يكن شيء من ذلك علم أنه ليس من دين الله، وإذا لم يكن من دين الله فإنه لا يجوز لنا أن نتعبد به لله -عز وجل- ونتقرب به إليه، فإذا كان الله تعالى – قد وضع للوصول إليه طريقاً معيناً وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف يسوغ لنا ونحن عباد أن نأتي بطريق من عند أنفسنا يوصلنا إلى الله؟ هذا من الجناية في حق الله -عز وجل- أن نشرع في دينه ما ليس منه، كما أنه يتضمن تكذيب قول الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}.

مقالات قد تهمك

إلى هنا نختم هذا المقال الذي عرضنا فيه معلومات مفصلة عن المولد النبوي الشريف ثم مررنا على حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة حيث فصلنا في رأي كل مذهب من المذاهب الإسلامية الأربعة في هذه المسألة، ثم مررنا على رأي الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ورأي الشيخ محمد بن صالح العثيمين أيضًا.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *